الجمعة، 3 أغسطس 2018

مجلة الهيكل .. Ali Albadir .. ماذا دهاكم


ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏‏‏وقوف‏، و‏‏محيط‏، و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏ و‏ماء‏‏‏‏


- ماذا دهاكم؟ قال بدر، تعلمون بالسارق وهو طليق والقاتل خلف أبواب بلا قضبان! "رأيتُ أن أفئدة التتار، وأذؤبَ الغار أرق من الرعاع القالعين نواظر الأطفال، والشاوين بالنار شفاهَ الحلمةِ العذراء ." وجيكور..خجلى تعاتبني. ماذا دهى قومُك يابدر؟ " أنمشي نحن في الزمن أم إنه الماشي ونحن فيه وقوف؟ أين أوله وأين آخره؟ هل مرَّ أطوله أم مرّ أقصره الممتد في الشجن؟" ، وأنا لنخلتي باشتياق. إليكِ يا جيكور. لحضنِك "يا كوت المراجيج". لحضن أمي أعود. لأبي الذي لم أحضر جنازته. أغني إليكَ يا عراق. " وإني هنا باشتياق. إليه، إليها... أنادي: عراق، فيرجع لي من ندائي نحيب، تفجر عنه الصدى. أحسُّ بأني عبرتُ المدى إلى عالم من ردى لايجيب." 
تحسس بيده اليسرى صدره ومسحت أصابعه آثر الشضايا المرسومة عليه ثم طوقت ذراعه اليمنى خصره محاولاً دسها في جيبه متلمساً كتابه الذي مزقته شضايا حرب مجنونة ، لكنه انتفض وكأن شيئأ أيقظه من رقدة طويلة. رمقني بنظرة فلاحت ابتسامة غير معهودة بينما رُسِمَت خيوطُ تفاؤلٍ على وجهه وبدا يتمايل كسعفة تحملها الرياح. همً بالكلام فقاطعته معاتباً:
- جئتُ ونشوةُ اللقاءِ أحمِلُها. كفانا هَماً وأنت العارفُ الدّاري. أتبكيني يا سيّابُ والزمنُ أتعَبَني ودهرٌ ضاعَ فيه البائعُ والشّاري؟
- ستضحك يوماً وتلوي القدر وتصهر الحديد وتنصب القضبان ليقبع خلفها الغربان سارقوا قوت الشعب. "مللت سماع صوت الرجاء: "جيكور، أين الخبز والماء. ألليل وافى وقد نام الأدلاء والركب سهرانُ من جوع ومن عطشِ والريح صرِ وكل الأفق أصداء. جيكور. مدّي لنا باباً فندخله أو سامرينا بنجم فيه أضواء"
- وماذا بعد يا سياب؟ تسمرت قدماي. لابد من الفراق أمام زحف ساعة السحر. جئتك مهموماً فوجدتك أكثر هماً مني. ابتسامة أشرقت، لم أألفها عند لقاءاتي المتككرة معه. حاول الإنحناء فلم يستطع. أشار بسبابته نحوي فأيقنت أن شيئاً ما لابد أن يقوله. كلماتٌ ما زال صداها يرن في أعماقي أسمعُها كلما تطوقني الهمومَ وتنتابني الهواجس.
- "عيناكِ غابتا نخيل ساعة السحر، أو شرفتان راح ينأى عنهما المطر. عيناك حين تبتسمان تورق الكروم وترقص الأضواء... كالأقمار في نهر، يرجُّهُ المجدافُ وَهْناً ساعة السحر."
أشرت له ملوحاً بيدي. وداعاً وداعاً بينما ظلَّ صوته يلاحقني . توقفتُ لحظات فبدا أكثر إصراراً. لوَّح لي بذراعه حتى اختفى وسط الضباب لكن صوتَه ظلَّ يُسمع من بعيد..
- " كأنَّ أقواسَ السحابِ تشربُ الغيومَ وقطرةٌ فقطرة تذوبُ في المطر. وَكَركَرَ الأطفالُ في عَرائِشِ الكرومِ، وَدَغْدَغَتْ صمتُ العصافيرِ على الشجر أنشودةَ المطر.
- مطر. مطر. مطر...
علي البدر
جيكور: قرية في جنوب العراق عاش فيها بدر شاكر السياب.
كوت المراجيج أي كوت المراقيق ، ألرق أو العبيد، ويسمى بيت الأقنان. وبعض من سكان ريف جنوب العراق يقلب حرف القاف ويحولها إلى جيم. مثل: قاسم إلى جاسم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق