الأحد، 22 مايو 2016

اجنحة السلام .. فقرة اليوم




ضمن فقرة اخترنا لكم… اضع هذه الليلة بين أيديكم قصيدة للشاعر المخضرم الذي عاش العصرين الجاهلي والاسلامي ابو ذؤيب الهذلي ..
يقول :
أمن المنون وريبها تتوجع = والدهر ليس بمعتب من يجزع
قالت أميمة ما لجسمك شاحبا = منذ ابتذلت ومثل مالك ينفع
أم ما لجنبك لا يلائم مضجعا = إلا أقض عليك ذاك المضجع
فأجبتها أن ما لجسمي أنه = أودى بني من البلاد وودعوا
أودى بني وأعقبوني حسرة = بعد الرقاد وعبرة لا تقلع
ولقد أرى أن البكاء سفاهة = ولسوف يولع بالبكا من يفجع
سبقوا هوى وأعنقوا لهواهم = فتخرموا ولكل جنب مصرع
فغبرت بعدهم بعيش ناصب = وإخال أني لاحق مستتبع
ولقد حرصت بأن أدافع عنهم = فإذا المنية أقبلت لا تدفع
وإذا المنية أنشبت أظفارها = ألفيت كل تميمة لا تنفع
فالعين بعدهم كأن حداقها = سملت بشوك فهي عور تدمع
حتى كأني للحوادث مروة = بصفا المشرق كل يوم تقرع
وتجلدي للشامتين أريهم = أني لريب الدهر لا أتضعضع
والنفس راغبة إذا رغبتها = فإذا ترد إلى قليل تقنع
والدهر لا يبقى على حدثانه = جون السراة له جدائد أربع
صخب الشوارب لا يزال كأنه = عبد لآل أبي ربيعة مسبع
أكل الجميم وطاوعته سمحج = مثل القناة وأزعلته الأمرع
بقرار قيعان سقاها وابل = واه فأثجم برهة لا يقلع
فلبثن حينا يعتلجن بروضة = فيجد حينا في العلاج ويشمع
حتى إذا جزرت مياه رزونه = وبأي حين ملاوة تتقطع
ذكر الورود بها وشاقى أمره = شؤم وأقبل حينه يتتبع
فافتنهن من السواء وماؤه = بثر وعانده طريق مهيع
فكأنها بالجزع بين نبايع = وأولات ذي العرجاء نهب مجمع
وكأنهن ربابة وكأنه = يسر يفيض على القداح ويصدع
وكأنما هو مدوس متقلب = في الكف إلا أنه هو أضلع
فوردن والعيوق مقعد رابىء الضـ = ـضرباء فوق النظم لا يتتلع
فشرعن في حجرات عذب بارد = حصب البطاح تغيب فيه الأكرع
فشربن ثم سمعن حسا دونه = شرف الحجاب وريب قرع يقرع
ونميمة من قانص متلبب = في كفه جشء أجش وأقطع
فنكرنه فنفرن وامترست به = عوجاء هادية وهاد جرشع
فرمى فأنفذ من نجود عائط = سهما فخر وريشه متصمع
فبدا له أقراب هذا رائغا = عجلا فعيث في الكنانة يرجع
فرمى فألحق صاعديا مطحرا = بالكشح فاشتملت عليه الأضلع
فأبدهن حتوفهن فهارب = بذمائه أو بارك متجعجع
يعثرن في علق النجيع كأنما = كسيت برود بني يزيد الأذرع
والدهر لا يبقى على حدثانه = شبب أفزته الكلاب مروع
شعف الكلاب الضاريات فؤاده = فإذا يرى الصبح المصدق يفزع
ويعوذ بالأرطى إذا ما شفه = قطر وراحته بليل زعزع
يرمي بعينيه الغيوب وطرفه = مغض يصدق طرفه ما يسمع
فغدا يشرق متنه فبدا له = أولى سوابقها قريبا توزع
فانصاع من فزع وسد فروجه = غبر ضوار وافيان وأجدع
فنحا لها بمذلقين كأنما = بهما من النضح المجدح أيدع
ينهسنه ويذبهن ويحتمي = عبل الشوى بالطرتين مولع
حتى إذا ارتدت وأقصد عصبة = منها وقام شريدها يتضرع
فكأن سفودين لما يقترا = عجلا له بشواء شرب ينزع
فبدا له رب الكلاب بكفه = بيض رهاف ريشهن مقزع
ففرمى لينقذ فرها فهوى له = سهم فأنفذ طرتيه المنزع
فكبا كما يكبو فنيق تارز = بالخبت إلا أنه هو أبرع
والدهر لا يبقى على حدثانه = مستشعر حلق الحديد مقنع
حميت عليه الدرع حتى وجهه = من حرها يوم الكريهة أسفع
تعدو به خوصاء يفصم جريها = حلق الرحالة فهي رخو تمزع
قصر الصبوح لها فشرج لحمها = بالني فهي تثوخ فيها الإصبع
تأبى بدرتها إذا ما استكرهت = إلا الحميم فإنه يتبضع
متفلق أنساؤها عن قانئ = كالقرط صاو غبره لا يرضع
بيننا تعانقه الكماة وروغه = يوما أتيح له جريء سلفع
يعدو به نهش المشاش كأنه = صدع سليم رجعه لا يظلع
فتنازلا وتواقفت خيلاهما = وكلاهما بطل اللقاء مخدع
يتناهبان المجد كل واثق = ببلائه واليوم يوم أشنع
وكلاهما متوشح ذا رونق = عضبا إذا مس الضريبة يقطع
وكلاهما في كفه يزنية = فيها سنان كالمنارة أصلع
وعليهما ماذيتان قضاهما = داود أو صنع السوابغ تبع
فتخالسا نفسيهما بنوافذ = كنوافذ العبط التي لا ترقع
وكلاهما قد عاش عيشة ماجد = وجنى العلاء لو ان شيئا ينفع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق