الخميس، 18 أغسطس 2016

الاديبة منى الصراف ... حرية فضفاضة .. قصة قصيرة





وجدت الحافله ممتلئه حتى اخرها فتمسكت بالعمود المعدني لكي تبحث عن مكان شاغر ....اقتربت من المنتصف ..فخاطبها صوت شاب من قرب وهو يوميء لها ان تجلس مكانه 
ولكن رفضت ولم تبال .. الا ان الح عليها في الطلب فاجابته بشده
:-لمَ تعتقدون ان الانثى عاجزه وليست مثلكم يمكنها الوقوف .... نحن لانختلف عنكم ... ولدينا اعمال تشابه اعمالكم في بعض الاحيان ... لمَ هذه الاستهانة بنا ........ الشاب خجلاً وهو ينظر الى ركاب الحافله وبعضهم يغط بالخجل كما هو ..... والبعض همهم بسره تستاهل !!
.. رد عليها الشاب ببعض كلمات والعرق يتصبب من كل مسامة في جسدة
: - لم اقصد الأساءة اليكِ ولم يكن تصرفي هذا من باب اعتبركِ غير كفؤ لي انما هو الاحترام والمعامله الناعمة التي يجب ان تحضى بها المرأة ، حين اقف لكِ احتراماً او افتح باب سيارتي لتصعدي قبلي او اقف عوضاً عنكِ في طابور الخبز.. هذا لايعني ضعفكِ وانما لكونكِ انتِ انا .. اختاه .
شعر بيد الجالس قربه وهو يطبطب على ظهره ويهمس بأذنه كان رجلاً ضخم الجسد اسمر اللون وشعره مرتب بعناية فائقة يرتدي قميص مزركش ضيق تكاد عضلاته تتفجر من تحته :- انت المذنب هذه من النساء اللواتي ينادين بالمساواه تبا لهن عجباً هل يستطعن مثلا التبول مثلنا في الشارع !؟ نظر الشاب اليه والحافلة تسير وصلت الى مكان خرب قال له
:- انظر لذلك الكلب الذي في الشارع هو ايضا يستطيع التبول دون تفاخر؟؟.... ثم فاجئه بسؤال ... هل تعتقد ان التبول في الشارع ميزه تحسب لنا عليهن .....؟! اجابه ووو لااعرف هذا ماخطر ببالي ولكن المرأة تحتاج الى شده ووجه غليظ يشعرها انها تابعه دوماً ايها الشاب ..
رن هاتفه وكان هو المنقذ الوحيد لهذا الشاب من تفاهة حديثة .. فتح الخط وصوت انبعث منه وصراخ امرأة سمعها المحطيون به وهي تنهره بشدة على تأخره في العوده الى البيت وهي تنتظر وامها طعام الغداء الذي كان من المفترض ان يصل اليهن قبل ساعة ، وكلمات منه وتوسلاته واعذار بسبب تأخر الحافله عليه تغيرت تلك النبرة العنيفة ولون وجهه اصبح ياخذ الوان قوس قزح مع كل اعتذار لزوجته .. نظر اليه الشاب بعد ان غلق هاتفه والابتسامة غطت وجهه الجميل الناعم في تفاصيله..... وصوت احد الركاب وقد اشتاط غضبا من هذه الحوارات التي دارت حول المرأة والمساوات بين الرجل
قال لهم : - أن الأم هي المسؤول الاول في صناعة المرأة لانها تصنع أمرأة اخرى بنفس النسخة عنها لتكون متاعاً للرجل وخادمة مطيعة .
ردت عليه امرأة عجوز تجلس امامه وبيدها حفيد صغير لابنتها الجالسه معها
: - أن الأم تصنع هذه المرأة خوفاً عليها من هجر الرجل ونظرة المجتمع لها . زادت وتيرة التداخلات في هذا الحوار رد اخر من مكان بعيد عنهم
: - هل تعلمون لو استطعنا تحرير المرأة استطعنا بعدها تحرير الرجل لكن الرجل يخشى ذلك خوفا على ملكيته وهو ايضا يعاني القمع وضعفه امام السلطة لذلك لا حرية للمرأة او الرجل ما دامت تلك الأنظمة السياسية والاقتصادية والأجتماعية غير حره .
كانت هناك امرأة ناعمة وجميلة تقف بجانب الفتاة التي رفضت مكرمة الرجل لها ومشجعه لموقفها بنظرات اعجاب وجهت حديثها للجميع
: - لماذا لا يحق لنا مصادرة حرية الرجل !؟ في حين نفعل ذلك مع المرأة ان تلك الاغلال التي وضعتموها حول جسد المرأة لا يمنعها من ممارسة الذي تريده ، وأن حريتنا هي أتخاذ القرارات وتحديد مصيرها بدون تلك الوصايا هي المسؤولة الوحيدة عنها . هي حرية منحلة وحرية مقيدة بشروط ، وأتهام حواء بأنها السبب في خروج آدم من الجنة واصبحت بعدها أصل لكل بلية ، وذلك الخروج من ضلعه الاعوج ، صراع بين الأصل الذكر والانثى الفرع ، في حين أن الجنس حدد بيولوجياً ولا يمكن تغيره . فلماذا تظلم المرأة باعضائها بينما الاثنان خلقا من نفس الطينة .. وان فكرت بالتصرف كونها انسان كما هو الرجل ستتهم بتقليده .. أننا نربي بناتنا في سبيل الزواج اكثر مما نفكر في تطوير شخصيتها ، فتجد الفتاة في الزواج المزايا والهدف الاكبر
رد عليها أخر : - ان حرية المرأة بمفهومها السطحي ذلك حين تندرج من باب الأباحية والفساد وحين تجدين هناك رجال دين لا يكلون من ترسيخها بأذهان الناس ليل نهار .. ان هذه العملية متوارثه عزيزتي منذ قرون وإبعاد المرأة عن الرجل مصدر الشهوات .
اجابته المرأة : - مصيبتنا هو هذا البعد الجسدي فقط فما هي سوى عورة يجب مراقبتها وطمس هويتها ، ثم من قال ان الرجل هو مصدر الشهوات فقط !؟
قالت كلماتها هذه وهي تضحك واخذت لها مكاناً اكثر التصاقاً بتلك الفتاة وتتلمسها بين اللحظة والاخرى بأناملها الناعمة وتنظر اليها بشهوة كبيرة وكلما ازدات مطبات الحافلة في الشارع تلتصق هي بحميمية بجسد هذه الفتاة ..
شعرت عندها الفتاة بالريبة منها اخذت لها مكانا ابعد بقليل عن جسدها لكن نظرات تلك المرأة من انفكت تبتعد عنها وهي تشعر بالقشعريرة في كل مسامة من جسدها .
البعض شعر بنشوة الانتصار بطرح افكاره والأخر بفخريته بتلك الذكورية التي يمتلكها في حين آثر الاخرون الصمت والاستمتاع بتلك الحوارات التي اشتعلت بها الحافلة .
رن رجل عجوز جرس النزول لاعلام السائق بالتوقف ، اخذ العمر منه مأخذه وعصا تساعده على السير ، قال لهم وهو بطريقه للنزول
: - لو وصل العمر بكم كالذي وصلت له انا الان سترون ان هذه الدنيا مجرد لعبة بين ذكر وانثى وصراع دام قرون ، كلنا نمتلك العيوب ولكن هناك من هو بارع في اظهار محاسنه او هراءه .. حتى انتصاراتكم بعد حين من الزمن ستصبح هزائم وابهام يشير الى قبوركم ومثواكم الأخير وانتم مازلتم تنعمون بظل الشجر ..!!
حين تصلون الى عمري وتنتهي لديكم تلك الغرائز ستعودون كما خلقتم اول مرة اطفال بدون هويه مزيفة واعضاء ميزتكم عن بعض ..
ستعود انساناً فقط ..كما خلقت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق