الأحد، 21 أغسطس 2016

كامل التميمي ... شفافية قصص( فاطمة وهيدي )




سلسلة قراءات كامل التميمي

(كان كلما يراها يمعن النظر ويبتسم. كان يسكنها كان يراها لوح زجاج .وكانت مؤمنة بأنها إمرأة.)
عبث 
اعترف بإعادة تلون ابتسامته وهو يروي حكايته عن يده اليمنى التي سبقت الى الجنة. فيما كانت يده اليسرى تقتنص لمسات من فاكهتهن المحرمة.
............................


"سيميائية العنونة في نص الشفافية والعبث"
يعد العنوان في أي خطاب إبداعي دلالة سيمائية محورية وعتبة أولى , نستنطق النص عبر دلالتها وإشارتها الظاهرية والعميقة ونكتشف حمولاته الفنية والدلالية. النصان المعروضان أمامنا جاءت عناوينها من مفردة واحدة وعلى الاتي:
شفافية/عبث
وهذين يمكن أدراجهما ضمن خانة الممارسات والتصرفات، اذ تشيرا إلى أفعال الانسان وتصرفاته الحياتية، وسنحاول النظر في دلالتهما المجازية، فلنتأمل كلمة "شفافية" مجازيا ندرك من الوهلة الأولى وبعيدا عن صفتها المعهودة في التعامل الحسن في الحيز السلوكي , سنلحظ دلالتها قد تزحف الى قضايا عديدة منها "الشفافية" ممكن أن تكون امرأة في هذا النص أو علاقة زوجية أو اي علاقة أخرى حميمية متصلة بعشق واحترام متبادل, وسنلحظ هنا أن مجرى التحولات الدلالية تم حصره على أن لا يتعدى معان محدودة جدا ، وأتى التحديد من داخل المتن حين ذكر عبارة (وكانت مؤمنة أنها امرأة) وهنا وقع التحديد الذي يلزمنا السير على نسق يتضح عبر تتبعه في المتن الحكائي, للنص لنأخذ الوحدة الاولى في البناء والتي بنيت بصيغة الماضي علاوة على أنها مشروطة (كان كلما يراها يمعن النظر ويبتسم) من هو الذي يمعن النظر ويبتسم كلما كان يراها؟ ومن هي هذه التي تثيره ؟ ربما عشيق أو زوج او أب او أخ أو صديقة.. وهي بما يتلائم مع ما ذكر.
ما دلالة فعل الماضي "كان" أهيَّ حالة منلوجيه ذُكرت على لسان الراوي العليم ؛ لعكس البعد الوجداني للشخصية المحورية حيث كان في ما مضى يرى من غير جنس البشر ربما كان يراها ملاك او كينونة استثنائية، والسؤال هنا لمَ كان يبتسم وما هي نوع الابتسامة ؟ الواضح أنها ابتسامة رضٍ دلالة على شدة تأثره لما يرى أمامه من صفاء وروعة المنظر, لتأتي الجملة الثانية في البناء معززة وموضحة أن هذا الشخص كان شديد التعلق بمن يمعن النظر اليها. (كان يسكنها كان يراها لوح زجاج) وهي بعينه صافية نقية تكاد تكون جوهرة لا مثيل لها.
وفي جملة القفلة التي جاءت على النحو الاتي:

(وكانت مؤمنة بأنها امرأة) أي إن هذه الوحدة انهت النزاع الدائر في مخيلة ووجدان ومعتقد البطل حولة أسطورية ما كان يتمعن فيه ويرى.
والآن نعود لترتيب النسق الدلالي ضمن جميع وحداته العتبية والمتنية.
سنلحظ أن "الشفافية" أقرب أن تكون امرأة شفافة في جمالها وانوثتها وهذه المعطيات جعلت البطل في حالة من هيام والادهاش والإبهار كلما راها. وهذا يعني أن النص يحاول التأكيد على أن المرأة كلما كانت شفافة كنت أقرب الى قلب الرجل وتأسره بمفاتن هكذا صفات.
أما ما الجدوى من استخدام صيغة الفعل الماضي في هذا البناء؟
لا أرى ايّ جدوى تذكر ضمن هذا النسق الذي ذكر في التحليل وكنت أفضل البناء يكون بصيغة الحاضر ليأتي منسجما مع الرؤية التي أردناها. 
في قصة "عبث" 
الدلالة الانزياحية تشير الى اللاجدوى من الافعال والتصرفات التي يقوم بها الفرد والتي تعود على صاحبها ومجتمعه بالضّرر وفقدان حالة التوازن النفسي الذي ينجم عن هكذا شخصيات لا تمتلك رؤيا لأفعالها.
اتى النص من استهلال جملتين ليكونا منسجمتين مع حالة التناقض والصراع والاختلاف كمبدأ محرك كمفهوم فلسفي الاولى:
(احترف بإعادة تلوين ابتسامته، وهو يروي حكايته عن يده اليمنى التي سبقته الى الجنة.)
جملة الاستهلال هذه جيدة مليئة بمادة النص قريبة للذروة، الاعتراف فيها هو حالة ندم على ما مضى من أفعال مرفوضة في قناعة البطل و من يعترف امامه بهذا الاعتراف والاقرب هو منلوج داخلي لا توجد جهة ما تطلب منه هذا الاعتراف فهو شخصية متلونة لا قرار لها تبحث عن مصلحتها الانية، وهذه المصلحة الشخصية التي تدفعه لهذا التلون أنما منبعها هو الرغبة في حالة خاصة غير معممة على عام شخصية البطل فهو يميل الى التحرش الجنسي وهي صفة تكاد تكون ثاقبة لفعل الخير الذي هو ديدن يده اليمنى التي تدل على العمل الخير والإحسان بينما يده اليسرى مستمرة في حالة التناقض والصراع الذي يولد تشظيا في مفهومه الاخلاقي والقيمي وهذا واضحا في جملة الخاتمة التي وضحت واحدثت اقلاب الحال.
(فيما كانت يده اليسرى تقتنص لمسات من فاكهتهن المحرمة) 
وتتضح الرؤية الاجمالية لنص "عبث" منسجة مع سيميائية العنوان الدال على العبث وعدم وضوح المبدئية داخل الفرد هي حالة مستهجنة ومرفوضة لما لها من سلبيات وآثارها غير لائقة ولا محمودة لا على حاملها ولا على المجتمع الذي هو جزء منه.

..............................................................
*د.بسام موسى/سيمياء العنوان 
*د محمد علي الحولي/علم الدلالة (علم المعنى )
*معجم المعاني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق