الجمعة، 1 يوليو 2016

يحيى الحمادي ... صــــــــــــائِمُ الدَّهر




وتَقُولُ لِي بِدَلَالِهَا المُغْرِي:
_ مِن أَينَ أَنتَ؟!
ولَيتَنِي أَدري
.
_ مِن أَينَ؟!
+ مِن...,
وسَكَتُّ ثانِيَةً
ومَسَحْتُ (مِن) مِن أَوَّلِ السَّطرِ
.
ومَسَحْتُ دَمعًا كادَ يُطفِئُ ما
أَبْقَت دُمُوعُ الشَّوقِ والصَّبرِ
.
وفَتَحتُ نافِذَتِي على وَطَنٍ
مِثلِي يُقِيمُ بلَيلَةِ الحَشْرِ
.
أَأَقُولُ مِن هذا الذي دَمُهُ
ودُمُوعُهُ بقَصَائِدِي تَجري!
.
هذا الذي طَرَحُوهُ مُختَنِقًا
وحَمَلْتُهُ وِزرًا على ظَهرِي!
.
_ أَهلًا
مَسَاءُ الخَيرِ
أَنتَ هُنَا؟!
لِمَ لَم تُجِبْ؟!
+ سَأُجِيبُ "يا عُمْرِي"
.
ووَقَعْتُ مِن شَفَتَيَّ,
وانفَصَلَت عَنّي اللُّغَاتُ
وغَصَّ بي حِبري
.
_ هَل أَنتَ..؟!
+ لااا
_ مِن أَينَ؟!
+ مِن وَطَنٍ
أَحيَا عَلَيهِ كَوَردَةِ القَبرِ
.
يَدُهُ تُزَاحِمُنِي على جَسَدِي
وتُرَابُهُ مُتَوَسِّدٌ فِكري
.
وأَنا أَريكَتُهُ
وشَمعَتُهُ
ولِحَافُهُ
وبسَاطُهُ السِّحري
.
وأَنَا الذي فِي القلبِ أُسْكِنُهُ
وأَعِيشُ كالمَحشُورِ فِي شِبرِ
.
أَتَرَيْنَ هذا الجُرْحَ سَيِّدَتِي؟!
وَطَنِي هُنا..
وأَشَرْتُ بالعَشرِ
.
لا تَسأَلِي _أَرجُوكِ_ عَن وَطَنِي
لَو كانَ لِي
ما حِرْتُ فِي أَمري
.
هُوَ لِلقَبيلَةِ..
كَيفَ أَبْلُغُهُ
وقَبيلَتِي بَيتٌ مِن الشِّعرِ!
.
وتَنَهَّدَت..
فَشَعَرتُ أَنَّ لَهَا جُرحًا
وصَمتًا عُذرُهُ عُذرِي
.
قالت وقَد ضَاقَ السّؤَالُ بما
حَمَّلْتُهُ مِن شِدَّةِ القَهْرِ
.
_ أَلَدَيكَ شُغْلٌ فِي الصَّبَاحِ؟!
+ نَعَم
عِندِي..
ولكنْ دُونَمَا أَجرِ
.
ذَهَبَت سِنِينِي سُخْرَةً وأَنا
مُتَرَقِّبٌ لِنِهَايَةِ الشَّهرِ
.
سَهَرٌ عَلى سَهَرٍ كَأَنَّ دَمِي
مُتَأَبِّطٌ لَيلًا بلا فَجرِ
.
ومَسَحْتُ جُرحًا كَادَ يَنزِفُ ما
أَبقَاهُ هذا الوَاقِعُ المُزرِي
.
لا تَسأَلِي _باللهِ_ عَن عَمَلِي
عَمَلُ الأَدِيبِ كَصَائِمِ الدَّهرِ
.
قالَت: لِماذا؟!
قُلتُ: لا تَقِفِي في النَّارِ يا قَارُورَةَ العِطرِ
.
كُونِي مَعِي _إِنْ شِئتِ_ قافِيَةً
لِيَمُرَّ كُلُّ مُشَرَّدٍ عَبري
.
كُونِي سِوَى هذي التي سَرَقَت
سُجَّادَتِي فِي لَيلَةِ القَدرِ
.
كُونِي بلادِي إِنْ سَئِمتُ بها
شَعبًا يُحِبُّ تِجَارَةَ الفَقرِ
.
كُونِي أَنَا
عَلِّي أُغَادِرُ مِن حُزنِي..
فَحُزنِي الآنَ يَستَشرِي
.
لِلحُزنِ سُكْرٌ كَالخُمُورِ, وقَد
ضَاعَفْتِ مِن سُكرِي ومِن خَمرِي
.
يا هذهِ..
أَلَدَيكِ أَسئِلَةٌ أُخرَى؟!
فَإنِّي ضاقَ بي صَدرِي
.
هَل يَطعَمُ المَحزُونُ مَوطِنَهُ
إِلَّا كَطَعمِ السَّيفِ في النَّحرِ!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق