الجمعة، 1 يوليو 2016

موفق نادر ... " نزف على مقام البيات "





الآن في بغداد
ها غيمة كست النخيل عباءة
من سحر اللذيذة
ثم أهدت للقصائد نفحة
من عطر هارون الرشيد
ومن حكايا شهرزاد
الآن في بغداد
،
تتثاءب الشرفات
ترمي نحو ماء النهر قصتها الحزينة
دمعها المسود من عتب
فتنغلق المياه على السواد
****
جلس النواسي المهذب فوق كرسي الخلافة
يشتري للكرخ شحنات من الخمر الرديئة
والقذائف لا تزال
ترن في الجسر المعلق بعض نشوتها القديمة
حين تندثر البلاد
" لي نشوتان .. "
سمعتها تهذي
وما للآخر الملتاع واحدة
عرفت
فكل خبزي دما"
وارحل سريعا"
عابرا" جسر الرصافة
تابعا" ظل الرماد
*****
لي نشوتان
وللصغار النائمين بأرض " مقهى العامرية " ألف فنجان من الموت اللذيذ
تجرعوه
وصفقوا بأكفهم للنادل الفنان
فليسكب لهم كاسا" " أخيرا" " من دم
وليغفر الآباء نزوتهم
إذا ماتوا صغارا"
دونما قبر يرى في ساحة الارض الفسيحة
حين أغراهم لهيب قادم
من سقف ملجئهم
بأن
موتوا تصحوا
لا سبيل إلى الطفولة غير لحم طائر
من نسغ لهفتكم
ومن حلم برق
كم راح ينهاكم جنود من مشاة البحر
أن تستيقظوا من غفوة اللهو الشهي
فلا سبيل لديكم
أن تسبحوا في ماء دجلة ضحوة
أو أن يداعب أيكم
-- لوشاء يوما" هرة --
أو أن يفكر بعضكم في صنع طائرة
ورق
ولربما يزهو جنود البحر
لم يخرج من الأنقاض طفل واحد
يسطيع افراد الطوارئ أن يلموا بعضه
عن بعضه حين احترق
والأم لم تبخل بصدر دافئ يحنو
ولكن المؤشر كان أسرع من يديها
حين همت أن تداعب شعره
فتشبثت بدمائه
وتطايرا شفقا" ذبيحا" في الشفق


*****
بكت الشوارع
والجسور تقوست
ورأيت دجلة مرة أخرى يسح بمائه الدموي
سبعا" ثم سبعا"
ثم لا يصل المغول لشرفة القصر العزيز
ولا سمعت خليفة ينعى إلى المتسكعين
بلهجة نبوية :
بغداد تكفيني
بدت من شرفة " المنصور " آلاف القباب من الجماجم تنتخي
وتلاوة من سورة الأعراف مرت
مثل طيف عابر
يسعى إلى النجف المقدس حافيا"
متقلدا" نهج البلاغة
مثخنا" بدم الحسين
*****
رأيت في بغداد
شحاذين من ألق
يبيعون " المبرد " بالدموع
كان " الكسائي " بين بين
و " السهروردي " الحزين تناثرت أضلاعه
في الضفتين
وأنا رأيت وقلت يا بغداد
ضميني إلى مجد الشوارع
عبئي رئتي بالصمت المروع حين
ينغلق المساء على بنيك المتعبين
وخذي كتابي
لست ادري هل أعود إليك مصلوبا"
على وجع السنين
فرنت إلي بغابة من نخل عينيها
ومدت نحو قلبي
باقة من زهر ضحكتها الحزين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق